إطلعوا على تقرير توجهات مستقبل التعليم في المنطقة العربية من إعداد الحملة العربية للتعليم للجميع ACEA
عندما أطلقت اليونسكو مشروعاً حول رسم ملامح مستقبل التعليم، لم يخطر في ذهن القائمين على هذه المنظمة الأممية أن أزمة بحجم الجائحة التي نعيش تفاصيلها اليوم ستحدث.
ألقت الجائحة بظلالها على منظومة التعليم في العالم كله، وأصابت العديد من المفاصل في مقتل، وطال ذلك مناطق أثقلتها أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومنها المنطقة العربية، هذه المنطقة التي تعيش ولا تزال تعاني معاناة كبيرة، فقاموس المعاناة فيها حافل بمفردات ومعاني الألم والعذاب، من فقر وتهميش وإقصاء وبطالة وصراعات ودمار، كلها مخلفّات ونتائج لسياسات قاصرة وحروب ونزاعات متتالية، أنهكت وأثرت في قدرة الناس على معالجة إشكاليات متراكمة في وضع معقّد، فالحديث عن المنطقة العربية ومشاكلها التي لا تنتهي حديث عن المعاناة.
نتيجة كل ما سبق، وبسبب تداعيات المشهد سياسياً واقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً، فإن تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية كان بمثابة مهمة مستحيلة، وغاية صعبة التحقق، ليبقى مسعى إنقاذ حق التعليم في هذه المنطقة من العالم مترنحاً تحت وطأة سياسات غير عادلة ولا منصفة تمثلت بمنع كل إمكانيات التطور، عبر تدمير كل أركان الحق في التعليم، وجاءت جائحة كورونا لتعمّق حدّة الإشكاليات ولتعيق المحاولات الرامية للتعامل مع الوضع، حيث فرضت التغييرات التي أوجدتها الجائحة فيما يتعلق بالتعلم عن بعد والتعليم الالكتروني ظروفاً جديدة، عطلّت المعطّل بالأصل، عبر إعاقة وصول الفقراء والفئات المهمشة والضعيفة للتعليم، فباتت مسألة مجانية التعليم وإلزاميته في دائرة الخطر وهي التي لم تغادر هذه الدائرة أصلاً، كما تأثرت النساء وتحديدا المعلمات من تزايد العبء الملقى على عاتقهن، كما ازدادت الفجوة بين الفتيان والفتيات في الحصول على الأدوات اللازمة للوصول إلى الحق في التعليم في ظل هذه المتغيرات.
في وضع معقّد كهذا نحاول -ونواصل المحاولة- من خلال هذا التقرير رسم ملامح مستقبل التعليم في هذه المنطقة؛ أملاً في أن نساهم في الجهد العالمي المبذول من اليونسكو لوضع تصورات تساهم في حل هذه المعضلة مستقبلا، والتشخيص طبعا بداية الحل، والحل لن يأتي من خلال التشخيص فقط بل لا بد من تدخلات وشراكات واستراتيجيات وخطط، وهذا التقرير محاولة لتسليط الضوء على واقع في منطقة باتت خارج دائرة الزمان والمكان، وفي بيئات باتت شاهدة على الحرمان، وباء وفقر وعدم استقرار وصراعات، ثم ماذا بعد؟ لا ندري، كل ما نعرفه أن حق الأطفال في التعليم وتوفير بيئة تعليمية مواتية وتعزيز فرص الالتحاق بالتعليم، والتعليم المنصف والعادل، كل هذه الأمور حين تقترن بالمنطقة العربية تغدو على المحك.
واليوم نحن كحملة عربية أطلقنا قطار المشاورات الوطنية حول مستقبل التربية والتعليم والتي تأتي ضمن مبادرة مستقبل التربية والتعليم التي أطلقتها منظمة اليونسكو، بهدف إعادة التفكير في التربية والتعليم وعلاقته برسم المستقبل. حيث سيتم إطلاق سلسلة من الحوارات والنقاشات والمشاورات التي تسعى للمساهمة في وضع تصور جديد للتعلم والتعليم في عالم لا ينفك يزداد تعقيداً، ويزداد فيه وضع اللا عدالة والتهميش للفئات الأكثر عرضة للإقصاء والتمييز.
وتسعي الحملة العربية للتعليم للجميع إلى استثمار الأساليب المتعددة والثرية للاستفادة من المعارف الجماعية، وذلك استناداً إلى عملية تشاور مفتوحة وواسعة النطاق يشارك فيها الشباب والمربون والمجتمع المدني والحكومات وقطاع الأعمال وغيرها من الجهات المعنية. وتضطلع لجنة دولية رفيعة المستوى تضم قادة فكر من مختلف المجالات والمناطق الجغرافية في العالم بتوجيه هذه العملية (الحملة العالمية للتعليم والحملة العربية للتعليم جزء منها). وستُصدر اللجنة تقريراً في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021 يقدم رؤية استشرافية مشتركة بشأن سبل استخدام التعليم والتعليم لتمكيننا من تحقيق الذات التي نبتغيها.
رفعت الصباح
رئيس الحملة العالمية للتعليم
سكرتير عام الحملة العربية للتعليم