في إحدى القرى السودانية تعمل بسمة الأم لأربعة أطفال كباحثة ومرشدة اجتماعية، وتحاول بجهد تغيير بعض العادات والتقاليد التي تحرم المرأة من حقوقها في التعليم التمكين المشاركة في إحداث التغيير، مستلهمة ذلك من صميم تجربتها التي عاشتها منذ طفولتها، وتحاول نشر المعرفة العلم بين أوسط الفتيات الفقيرات اللواتي لا يستطعن الحصول على فرصة في تلقي التعليم، إضافة إلى أنها استطاعت مؤخراً من افتتاح بنكًا نسائيًا لادخار ما تبيعه النساء من صناعات يدوية عبر جمعيتها المعروفة محليا وعلى مستوى الدولة لتأمين مصروفات تعليم الفتيات.
وتشكل معاناة بسمة التي عاشتها في طفولتها عندما كانت تبلغ من العمر تسع سنوات دافعاً قوياً لمساعدة الفتيات في الحصول على فرصة تعلم ، خاصة وأنها عندما كانت تدرس في الصف الثالث الابتدائي كانت والدتها دوما تشجعها وتوعدها بالزغاريد والاحتفال عندما تحرز المركز الأول، لكن في لحظة وعندما عادت مهرولة الى منزلها وبيدها شهادة تفوقها تفاجأت بسرير يحمله رجال الحي وعليه لباس امرأة حيث أنه في عادة أهل منطقتها إذا توفيت امرأة لفو كفنها بأجمل ثيابها، وهنا ذهلت بسمة لهذا الموقف لأنها تعلم يقينا بأن ذلك الثوب يخص أمها وانهارت عندما علمت بان توقعها أصبح يقينا وأن والدتها رحلت عن دنياها.
اظلمت الدنيا في وجه بسمة لأنها فقدت الفرح والسرور فيها حياتها وفقدت من يفرح لنجاحها، ودخلت في حالة اكتئاب وبعد فترة أتت خالتها من خارج البلاد واستقرت بالسودان واحتوتها وبدأت وسط بناتها وسرعان ما استعادت بسمة البسمة من جديد.
واصلت بسمة تعليمها وقررت أن تجعل من العلم سلاحاً تواجه فيه صعوبات الحياة خاصة وأنها أصبحت يتيمة الأم والأب لأن والدها توفي بعد ولادتها بأشهر، وتمكنت من استكمل كافة المراحل التعليمية حتى وصلت إلى درجة البكالوريوس والماجستير بدأت بدراسة الدكتوراه وتزوجت وانجبت بنتين وولد وبعدها توفيت خالتها فدخلت في صدمة جديدة وانتكست للمرة الثانية، بالتزامن مع ظهور جائحة كورونا (كوفيد19) وكانت بسمة في شهرها الثامن من الحمل تدهورت حالتها وفقدت القدرة على التنفس مما اضطر الأطباء اجراء عملية قيصرية وإخراج المولود وادخالها العناية المكثفة.
ومكثت بسمة ما يقارب الشهرين في العناية المكثفة وهي في اسواء حال ولولا العناية الإلهية لكانت في عداد الأموات وبعدها مكثت ثلاثة أشهر أخرى بالمشفى والى ذلك الحين لم ترى مولودها الذكر وبعد شفائها كانت ضعيفة البنية لا تستطيع الحركة، ولكنها لم تتخلي عن هدفها في اكمال رسالة الدكتوراه وقد تحقق لهاذلك بمساعدة مشرفتها وصديقتها المقربة وزوجها ومنحة درجة الدكتورة مع وسام شرف كامرأة مثابرة ناجحة.
وتعمل اليوم بسمة مديرة جمعية تهدف الى تمكين المرأة وصانعة أجيال قوية قادرة على إحداث تغيير في مجتمعها، وساهمت من خلال جمعيتها في حصول مئات الفتيات على حقوقهن المكفولة في القوانيين الدولية وفي مقدمتها الحق في التعليم.
وتؤكد بسمة أن إيمانها المطلق بأن التعليم حق مكفول للنساء والفتيات وأنه يساهم في إحداث تنمية مجتمعية ويحسن من واقع المرأة السودانية ويمنحها الفرصة في المشاركة والتفاعل المجتمعي.
بقلم : نوارة طاهر
2021